الأنّا .

أنا من صنع المتاهات . أنا من فتح باب الأوهام . أنا من تكوّن الخيال منه . أنا من لعنة الأحلام . أنا من أفسد الضحكات . أنا من جعل البكاء ألحان . أنا إجابة السؤال . أنا عدو المنام . أنا سوء الكلام . أنا الإمام الفاسد و الراهب الكاذب . أنا الإنصات و السكون . أنا إيمان الفاسدين و فساد المؤمنين . أنا التجاهل و خيبة الإنتظار . أنا العدم في لحظات الوجود . أنا الموت حين تفكر الحياة .

أنا الشجرة في الصحراء التي تراقب الغيمه لتروي كل جزء فيها ، أنتظرك بشغف شديد و مرهق . أنا تلك الطاولة التي تنتظرك كل ليلة مع كتاب و شاي ، كالعادة اللطيفة لتشاركيني هذا . أنا الطريق المظلم الطويل الذي تحبين السير به في ألحان و أغاني لا أتذكر شيئاً غيرك بها . أنا تلك اللوحة المُشتاقه لعينيك التي تتأمل تفاصيلي بكل مرة و كأنها الأولى . أنا المرآة التي تحب تراقصك أمامها و فتنة جمالك الذي تراه كل صباح . أنا تلك الوسادة الذي تضم دموع حزنك في قلبها و تجعل أحلامك جميله . أنا الدفتر المتشوق لأسرار يومك و شعور جديد لا صوت له . أنا تلك الكلمات الذي تظن أنها وجدت من أجلك و ماتت في غيابك . أنا تلك الصفحات من قلم عظيم تعيدين قرائتها كل ليلة بشوق فيما تبقى . أنا الكاتب و أنتِ كل الأفكار و سرد القصص في حكايات لم تنتهي يوماً .

أنا المحيط الذي تغرق به و تخرج بلا بلل . تقرأني حتى تنسى أين أنت و تفقدني و أنا أمامك . أنا السراب الذي جعل لطريقك نهاية كنت تجهلها . أنا المتاهة الذي تخاف الضياع فيها و كل الإتجاهات واضحة . أنا التشتت حين ظننت أنني وجدت نفسي . أنا من كنت أبحث عني في الظلام حتى أصبحت عمقه و أطرافه . أنا البعثرة بين كل ترتيب بذلت الجهد من أجله . أنا من أفسدت نفسي حين شعرت بأنني وصلت للصلاح . أنا من جعلت حالي أسوء من كل سوء كنت أخاف منه . أنا الذي جعل لحديثك دهشه بعد أن كنت لا تعرف كيف تبدأ الحوار . أنا من فقد الإهتمام بعدما جمعت هذا كله و دفنت نفسي باللا مبالاة . أنا الذي تفاجئ بأنه يموت حين كان يرى الحياة بوضوح . أنا الذي كان يطير و يشعر بالفرح حتى رأيت أن الأرض أقرب من ضحكاتي . أنا من تعب في بناء هذا كله و جعلت الهدم أسهل من كتابة رسالة . أنا الذي جعل الخيال لا ينتهي و قتلت الواقع بأفكار لا أجدها الآن . أنا من بكى كالبدوي الذي رحل قطيعه بلا عودة . أنا الذي عقّدت جزء مني و أضعت الجزء الآخر . أنا من فقد عقله بكل محاولات الوصول لكِ ، أنتِ لا تعلمين . أنا من جعل الحزن وسادةٍ لرأسي في كل مرة يخذلني قلبي . أنا من أغمض عيناه عندما كنتِ أمامه ، أنا من هرب عندما جمعنا المكان ، أنا من يعيش الخيال معكِ كما لو كنتِ خلف الباب عوضاً عن فتحه . أنا من يبدأ بالرسائل و الصور تهرباً من توتر اللقاء الأول و كأنه الأخير . أنا من خرج من الحروب غير مبالياً ، أنا من عاش تجارب الموت بلا تفكير ، أنا من فقد ذاته بكل مرة يريد الوصول للحياة . أنا من عاثت الأرض بهِ فساداً و بقي صالحاً ، أنا من كانت لعنة من حوله على رأسه و تمسك بإيمانه ، أنا من كان مجبراً لا مُخير و أصلح ما تركه غيره . أنا من وجد في قلبه وحدته ، أنا من أعتزل الشغف و الرغبة ، أنا من يكره ما يراه و أبتعد عن من يقترب منه . أنا الذي كنت هذا و أسوأ ، أنا من راقب التفاصيل و بدأ بالأوهام ، أنا من ترقب الأحداث و كأنها نهاية حياة ، أنا العدم في كل وجود . أنا من قرأ حديثك و كأنهُ له و عاش الحب في كهفٍ لوحده و كل ما فيه لكِ .

تعليقات

المشاركات الشائعة