هذه لم تكن رواية ، هذه الروح أنطقها الله .





من سيدفني هذه الليلة ؟ من سيكتب عن بكاء روحي ؟ من أخذ قلمي و صرخ بإسمي ؟ من جعل كل أبوابي مغلقة و سرق حبل أفكاري ؟ من قتل حرفي و خطف كل ضحكاتي ؟ من شوه إبتسامتي بكل هذا العذاب ؟ من أتى بالسواد و طاف به حول عيناي ؟ من قال لأحلامي بأنني مت لترحل خائفة مني ؟ من جعل وجهي بهذا الشحوب و الجفاف ؟ من جعل حزني إكتئاب يقاتل به كل فرحة لينتصر ؟ من قال للحياة بأني رحلت لتتركني وسط الطريق ؟ من قال للنوم يهجرني بلا مبالاة ؟ من تحدث عني كِذباً أمام الحظ ليغضب و يلعني ؟ من قال للحب أني خائن ليبتعد قبل اللقاء ؟ من غنّى للتعب عني ليحُبني و يقتل راحتي ؟ من قال للإحساس بأني حائط فلا يشعر بي أبداً ؟ من جعل لقلبي الهجرة للعدم لأبقى يتيم ؟ من قال لعقلي بأني خمسة أشخاص ليتحدث بإستمرار معهم و معي ؟ من أخبر الهلوسة بأني مشتاق لها لتأتي بلا توقف ؟ من قال للبرد بأني أحبه ليسكني أطرافي ؟ من قال لجسدي أنه يحتاج للنُدب ليرسم معاناة الوقت معي ؟ من قال للخيال بأني عاشق ليأتي بحديث لا أتذكر أسبابه ؟ من قال للحزن بأني مأوى للتائهين ليسكن كل ما فيني ؟ من قال للسعادة بأني سراب لتتجاهلني ؟ من قال للهدوء بأني لا أفهم صوته ليراقبني بكل غرابه ؟ ما هذا العناء يا سقوط بلا قاع ؟ ماذا قال عقلي للسماء ليسكن جوفي بركان ؟ لمن هذه التساؤلات في حين أني كل الإجابات ؟ من قال أني اللغز و ها أنا كل أشجار المتاهة ؟ من قال للإرهاق بأني فارغ ليمتلئ بي ؟ من قال للبحر أن يختفي و روحي كانت غارقة به ؟ من قال للوجود أن يحاربني ليجعلني بهذا الضياع ؟ من فعل بي هذه التقلبات حين كنت أراني مستقر ؟ من أخبر الصوت بأني نائم ليجعلني أكتم ما بداخلي كل هذه القرون ؟ من قال للهّم أني بئر ليرمي ما به فيني ؟ من قال للرغبات بأني مكتفي لتغيب ؟ من قال للتركيز بأني أكرهه ليحدث كل هذا التشتت ؟ من قال للخسارة بأني مللت الفوز لتأتي دائماً ؟ من قال للإستسلام أني أنا المقاومة لتنسحب مني و تتركني أعاني ؟ ماذا لو كانت هذه التساؤلات هي الإجابات ؟ ماذا لو كنت الإجابة لكل سؤال ، هذا يبدوا حقيقي .

في عمق البئر نجمة ، من قلب السماء وردة ، سيكون هناك للتساؤل إجابة .

الآن لم يكن للإجابة سؤال ، و لم يكن لقلبي الا الصبر ، تراكم الصراخ في جوفي حتى شعرت أنني بركان و زلزال مدفون في أرض الإكتئاب ، أصارع ما تبقي فيني لعل الروح تتجاوزني .

من سيقول لكل التساؤلات هذه أني لا أعي شيئاً و أفقد التركيز كما لو كنت ورقة في الرياح ، و كنت أغرق و ظننت أن الغرق نجاة .

من قال للأماكن بأني ممتلئ بالفراغ و كأنها كل الوجود الذي أهرب منه ؟ من قال للمقارنة أنني متاح لها لتأتي بمن لا يستحق ، من قال للمطر أن يجعل هذا الإرتواء غرق .

بعدما أصبحت النور ، جعلتني أفقد بصري عليها اللعنة ، بعدما كانت الغيمة التي تروي الجفاف ، غرقت بها سحقاً لها ، بعدما كانت الأمان لي و الطمأنينة ، أصبحت الحرب الذي أختبئ منها ، بعدما قالت لي الذي أحبه ، أصبح صوتها الصراخ الذي ألعنه ، بعدما قتلت فيني الخوف من الإقتراب ، كانت أول نار تحرق يداي فليخذلها القدر ، بعدما جعلتني أبتسم ، كانت أول حزن أعود له ، بعدما تركت كهفي من أجلها ، كانت أول سقوط أخاف منه ، بعدما رأيت فيها ما لا أراه في غيرها ، كانت أول اللوحات التي أعاني منها كالكوابيس .

بعد أن أخبرتها فيما لا أقوى الحديث عنه ، كان خذلانها ترحيباً لي ، بعد أن تجاوزت سوء أحوالي للوصول لها ، كانت أول غياب أحزن منه ، بعد أن عرِفت ما بداخلي ، كانت أول من يبتعد و كأني لم أكن ، بعد أن تحدثت لها بشغف و تجربة الحياة معها ، كانت وجه فخ الإكتئاب المبتسم ، بعد أن قدمت لها رسوماتي العظيمة عنها ، كانت أول حطام أدفن ذاتي به بلا مقاومة ، بعد أن رأيت فيها الذي فقدته ، كانت الحزن الذي أصاب روحي ، بعد أن أتضح لي أمر قلبي ، كانت السراب الذي أطارده .

فلا بأس بي . لا عناء في مُخيلتي . لا قتلى في معركتي . لا موسيقى في صوتي . لا لون في عيناي . لا لقاء في طريقي . لا صراخ في جوفي . لا بكاء في ظُلمتي . لا مخاطرة في كلِماتي . لا حزن في ملامحي . لا بعثرة في وجودي . لا حياة في قُربي . لا إبتسامةٍ في شِفاهي .

فقد كتبت لتعلمين أن في هذا العالم شخص يحاول الحديث معكِ ، و أرسلت الأغاني لتعلمين أن هنا من يبحث عن باب للحوار عن النجوم ، و بدأت أتخيل الحديث معكِ ليتضح لكِ أني لا أجيد البدايات ، و تأملت كل أحاديثك مع الآخرين لأجدكِ أمامي و أنا تائهاً أُضيع الوقت بعيداً ، و عدت للخجل و التوتر و كأني طفلٍ لجهلك أني لم أصل للثلاثين ، و غرقت بالخيال بكِ لأصل لكِ فيما أنا لم أحرك ساكناً ، و رأيت بكِ ما يدهشني لأفقد أفكاري لتظنين أنني باهت ، و شعرت بالجفاف لأنك الغيمة الذي لا تتوقف معي ، أحسست بالفقد من لعنة خيالي لتجدين أنني مجنوناً ، و وصلت في عقلي لِما بعد اللقاءات وحيداً لأرى أنك لازلتِ تنتظرين حديثي الحقيقي الأول ، و عبثت في خططي لأرسم بكِ متاهات أراقبك فيها و ألومك على ضياعك بها ، و وقفت أمام بابك كثيراً لأجدك قريبة و أهرب جاهلاً فعّلتِ هذه ، و أشعر بالتعثر عندما أتحدث فلا أريد للأخطاء أن تأتي لتعلمين أنكِ صاحبة اللحظة ، و أردد حديثي بيني و بين نفسي لتقرأين شيئاً لا تكرار له ، و قرأت منكِ ما يجعل المعدوم موجود لتعلمين أنكِ مدهشة ، و لطالما أنتظرتك باحثاً عن كلماتي بكِ لتتجاوزين البدايات و تضحكين ، و أحببت تأملك من شغفي لقربك و لتسمحين للكلام أن يكون ، و أكثرت في تفكيري عنكِ لتجدين مني كائن منعزل يحب رؤيتك .

هذه لم تكن رواية ، هذه الروح أنطقها الله .

تعليقات

المشاركات الشائعة