رسائل لصاحب المتجر .



من يشتري معاناتي ؟ أم ما يحدث مجرد وهم ، هل أتجاوز ؟ أم أنني في سراب لا ينتهي ، هل أتوه ؟ أم صُنعي للمتاهات واقعي ، هل أُفتّقد ؟ أم أنني نسّياً منسيا .

لم أعد كما كنت ، لم أعد أنا ذات الشخص ، لم أعد أعرف من أكون ، فقدت الخريطة و باب متاهتي ، فقدت عقلي بين أفكار لا تتوقف ، بائس و جاف و بلا لون ، مهجور و لا أقوى على الإقتراب ، صوتي لم يعد مسموع ، عيناي فقدت الشغف الذي كانت تبحث عنه ، يداي لم تعد تعرف كيف تتمسك ، روحي لم تعد مثمرة ، الشوك فيني دائم ، لم أعد أنا ، إني حزين كما لو كان هذا حزني الأول ، لا أجد كلمات تصف وجعي ، بدأت أتحطم فعلياً ، أجزائي بدأت بالإستسلام ، روحي لم تجد طريقة للهروب بعد .

أدفن ذاتي ، أنوح على نفسي ، أموت بداخلي و بكاء قلبي لا يهدأ ، لا يهدأ كأم مات طفلها الأول ، لا تجاوز هنا مهما مضت سنينِ البائسة ، أغرق بما كنت أهرب منه ، أصبحت أخاف النور ، أصوات من حولي مزعجة ، العلاقات مريبه و تزداد تعقيد في عقلي ، متعمق بظلام ما فيني و بصوت الوجع الذي يرسم ملامحه على جسدي ، لم يعد فمي يعرف كيف يبتسم ، عقلي فقد ردة الفعل الضاحكه ، لساني لا يجد بداية أحاديث و لا ردود ذات معنى واضح ، أعيش في قاع النكد ، أنني أختنق ، هذا التنفس أصبح صعب ، ما بداخلي يكبر للحد الذي جعل الكلمات تموت قبل أن تتجاوز حرفها الأول ، تنهيدة ببطء كما لو أن روحي تبكي ، تنهيدة تجمع سوء حزني و أيامي الميته ، يحترق ما بداخلي و يخرج كتنهيدة ، يحدث أنني أعود لعمق ما كنت أهرب منه ، يحدث أنني تجاوزت القليل و غرقت في المزيد ، يحدث أنني ضائع في متاهات أنا من صنعها ، يحدث أنني أشعر بالعدم تماماً ، لم تعد فكرة الحياة واضحة ، هذا سراب ، هذا حائط ، لم يعد عقلي يرتب الحروف ، لم أعد أجيد التقرب ، لم أبدأ لأنتهي و أتوه في مكاني و أعيش المتاهات فيني .



من الصعب جداً أن أكون عشوائي بلا ترتيب واضح ، أتحدث معك لأنني رتبت كل شيء ، إلا معها ، الترتيب يتبعثر ، الكلام يتشتت ، التوتر أول الحاضرين ، الهدوء يختفي ، أفقد المعنى الحقيقي لقدومي ، كل ما أفكر فيه أنني أتحدث معها ، و يمر الوقت بين أتأمل رسائلها القديمة و صورها التي أنسى مكاني بسببها ، أعيش بدهشة أنها تعرف أنها المقصودة و أكتشف أنني واضح لها جداً و لغيرها أشبه بالعدم ، تتكرر حادثة أنها تدخل ذات المكان و يظهر لي أنها تحمل رسائلي و في لحظتها أهرب من المكان و أتعمد أنني أتيت متأخر ، شعرت أنها تعرفني رغم أني أفهم جيداً أنه العكس ،تُعيدني لنفسي القديمة و تجدد شعور الحياة بعد ما كنت مأوى للإكتئاب و سواد الليالي و حزن الوقت ، أكون معها جاهل لأنني أحب أقرأ لها و أتعرف على ما حولي رغم أني أعرف كل شيء بوضوح عالي ، أحب أن أكون غبي لأن في كلامها شرح للأشياء بطريقة عظيمة ، أكون معها كالمؤمن ، صعب أجمع بين تفاهات الحياة و هي موجودة ، أخاف من العظمة اللي تسببت فيها بداخلي ، هي ترى أنها مبالغة و أنا أيقن بأنه تقديس ، لست معجب و لا عاشق ، لكن هي تسببت بشيء لم يكن في قلبي منه ذرة ، أدخلت دين جديد لقرية كل من فيها مؤمن بما لديه ، تسببت بتشتت جماعي و دهشة رهيبة مخيفة ، تعلم جيداً أنني أتحدث عنها لكن بذات الوقت تشعر بالعكس ، نتشارك الطاولة لنكتب رسائل لصاحب المتجر ، ليشتري مشاعري شخص لا يجيد التعبير ، تخبرني أن أعيد صياغة الرسالة و عينيها تخبرني أنها تعلم ، أحب تفاصيل عقلها العميق ، تجاوزت فيه الكثير و تظن أنها عادية جداً ، رغم كرهها للمكان هذا لكنها تأتي لتعيد الحيرة لي ، رغم إختلافي في بعض مواضيع نقاشنا إلا أنني متفاجئ من كونها وصلت لمرحلة الأحاديث الغير متوقعة ، أقرأ لها كجاهل يرغب في العلم ، كل ما حولها بسطاء و عاديين جداً ، إلا هي كانت نيزك غير مجريات الكون ، أجبرت كل ما في عقلي يتوقف و يراقبها .

حتى بداية سلسلة الرسائل هذه كان المقصد أكتب عن الأشياء التي يرغب بها زوار المتجر ، الأن أصبحت السلسلة عنها بلا شك ، دائماً مسيطرة بلا علم منها ، أتكلم عنها في كل النصوص و لكن بعدة خيالات هي تجهلها ، هذه الرسالة حزينة لمن طلب و لا تعلم هي بأنها خيالي معها كيف كان لحظتها ، ربما تعرف حتى لو كان مجهول ، أختبئ منها و بكل وضوح تراني ، تتجاهل المقصد ظنن منها أنني سأعترف لها ، أنا أتوه و أتورط ، أتأمل غرابة أفعالها و أراقب حديثها رغم تنافس أفكاري عليها ، كأنها تنتمي إلّي ، أحببت كل ما فيها بلا إستثناء ، للحد الذي جعلني أتجاهل من حولي و أكون وحيد و أنتظرها ، لا تعلم بأنني أترقب كل شيء منها و كأنها نهاية كل شيء أو البداية ، لا تعلم بأنني أراقب كل ما فيها و كأنني أنتظر موت حزني ، لا تعلم بأنني أجد بها ما أراه مستحيل في غيرها ، لا تعلم بأن لها في خيالي مدن و عوالم لا تنتهي ، تبدأ و كأنها تبعث الحياة فيّ من جديد ، تعلم بأني لست واحداً ، تعلم بأنني أموت ، تعلم جيداً أنني باهت و لا لون لي ، تفهم جيداً بأنني تائه و لا أتواجد إلا في الطريق إليها ، هي قادرة أن تُخلق فيني أفكار لم أكن أعلم بأن لها نافذة في عقلي و منها عجزت أتجاوز هذا الإيمان و أصبح بي كل يقين كنت أراه شك .


تعليقات

المشاركات الشائعة