جزء منّي .

تعالي لأفقد الثبات و مكاني . تعالي لأُغير مسار حياتي . تعالي فأنتِ من يجعل الحديث سهل . تعالي و لا تتعالي فلا قوة تجمع هذا الشتات . تعالي و أجعلي مني اللون الذي كنت أخافه .

في رسالة الإنتحار ، ستكونين الجزء الممتلئ بألوان السعادة حول كل كلمات السواد و الخيبة . و أنتِ الحقبة الزمنية التي شعرت وقتها أنني في الجنة ، أتمنى الا تنتهي . أنتِ السعادة الوحيدة ما قبل لحظة الإنتحار أو الموت ، أنتِ الضحكة الذي يتسائل عنها كل من رأى لحظات موتي . هناك تقدم و قوة و لذة و غيمة ، هناك لقاء و عناق و جزء مني فقدته ، هناك بداية و نهاية و نشوه و إتقان ، هناك لا مبالاة و دهشة و لعنة ، هناك ملاك بأعين شيطان و شفتي نعيم ، هناك أغنية و خشوع و إيمان ، هناك أنتِ . لا حديث يكفي للذة النظر لوجهك الكريم و لا إكتفاء من صوتك العظيم و ضحكتك المباركة لمسمعي ، دائماً أنتِ و للأبد بيني و بين الإنتحار أنتِ . و جمالها يجدد الإيمان في قلب و يعيد الغزل لعقلي و إنها من الغائبون و بذاتها جنة الحياة و هي لا تعلم . حتى اللذة تخاف أن يكون وصفها و إسمها لشفتيك أقل بكثير من الجمال الذي فيك ، ما بين صوتك و جمال شفتيك نهر من الفردوس أحتاج أرتوي منه بلا كفاية و لا إكتفاء . و تذكري دائماً أن شعوري تجاهك كشعور المؤمن في صلاته . في جمالها لعنة تؤلم من كثرة الدهشة و اللذة ، في جسدها جمال يستحق العبادة ، في الأحاديث و الخيال تبقى هي الثبات و المعنى . و إني أتجاوز الجميع بلا مبالاه إلا أنتِ ، أفقد الثبات و أعود لكِ دائماً . أنا رسالة من الرب لكِ ، أقرأيني جيداً . أين أنتِ يا من جعلت للغزل معنى حقيقي ، يا من جعلت للقلب حب ينبض به ، يا من جعلت الإكتئاب يغيب للحظات ، يا من جعلت ضياعي في عينيها حياة . أين أنتِ يا من كانت و لازالت كل لذة حقيقية ، يا من جعلت للخصر فتنة واقعية و في صدرها كل خشوع و عبادة ، يا من جعلت عقلي يعود للوجود من بعد العدم . أين أنتِ يا من تمنيت و لازلت أتمنى لقائها ، يا من في شفتيها خمر أسعى دائماً من أجل تذوقه ، يا من بحثت عنها و أنتظرتها . يا غيمة تمطر صحراء تفاصيلي و أزهر ، يا كل لون في رمادية حياتي ، يا إحتواء و إرتواء قلبي بلا إكتفاء ، يا خيال مبالغ به و في ليلة أصبحتِ حقيقة لا حدود لكِ . أين أنتِ يا من لم يذق مسمعي صوتاً بعدها ، يا من عيناي تابت في غيابها ، يا من سكنت العزلة في رحيلها ، يا من أخذت العقل و القلب و عشت ميتاً ، يا من جعلت تفاصيلي تحيا بها . و كل ما بكِ يبكي الغزل و يحي الموتى فيني ، يعيد الصوت لي و يجدد اللون في عيني . و قد كان النظر إليك يُسكر ، فلا عقل يعي و لا قلبي يستسلم . و أتغزل بكِ كما لو كنت أتقرب للإيمان بجمالك بلا شكوك و ضياع . و ما كنتِ إلا اليقين و كل ما حولي و حولك أوهام و ظنون ، أعود لكِ بين ثبات و وجود و ما أنا إلا عدم . تأتي القوة لقدومك ، فما أنا إلا متهالك كالبيت المهجور من ألف عام ، حتى الأشجار من حولي ماتت من لوني الباهت الشاحب . و ما هذا الحزن إلا لعنة و شيء لا يطاق فلا إستسلام أمام الوحدة بين كل الرفوف و كنت أنا كتاب . و من روحك إلى صوتك و جمالك ، أنتِ اليقين بعد الشك و الإيمان بعد الضياع ، أتأمل كل جزء منكِ مثل المؤمن في خشوعه و الفنان في غنائه و الرسام أمام لوحته . أحببتُ فتاة جعلت من سواد أيام ألوان ، كانت و لازلت كل نور في ظلامي ، جعلت كل الغيوم تمطر على جفاف قلبي ، تأتي و تبدأ الحياة و تغيب و يأتي الموت . و أنتِ النعيم الذي أرغب به دائماً ، أنتِ المعنى لكل حقيقة وجود ، أنتِ الأولى و الأخيرة كما قلت و كما سأقول دائماً ، أنتِ الإنتصار بكل معارك عقلي و قلبي . و كوصف بدائي فأنتِ أحلى من الورد و عطره ، أحلى من الغزل و حروفه ، أحلى من الوصف و جماله ، أحلى من الجمال بحد ذاته . و مع كل هذا الصمت الذي يضيع بين دقائق يحتاج الحديث أن يكون بيننا ، إلا أني أراكِ بصورةٍ تفوق الخيال و تتجاوز المبالغة في الوصف ، لا حدود و أنتِ معي . أحببتك أكثر من كل اللهو و الأكاذيب الذي كنت أقولها رغبة في بقائك لا في خذلانك ، كنت أحمق و لازلت و ما كان في قلبي دائماً ينادي بكِ كل ليلة بين بكاء و دعاء و أغنية  . فيها الإطمئنان و الأمان بين السلام و الحب ، فيها الراحة الذي لطالما بحثت عنها و كانت أقرب للحلم ، فيها الجنة التي لا حديث يكفيها ، فيها نعيم الروح و إبتسامة لم تكن في وجهي يوماً ، منها و إليها أعود كما بدأت .. آمين . أنتِ الإيمان و هم كل الشك ، أنتِ الإستثناء و غيرك التكرار ، أنتِ الوجود و الباقي عدم ، أنتِ النور و الكل ظلام ، أنتِ الدعاء و الغناء و غيرك هراء و شتائم . كانت الخطة أن تكون رسالة إنتحار و وداع و لكنكِ حاضرة بكل فكرة حتى أصبح الحديث عنكِ واجب و لازلتِ لا تعلمين بأنكِ أجمل من هذا كله و أنتِ بداخلي أقوى من الحياة و حتى الإكتئاب يتغزل بكِ تارك الألغاز تلهو بما تبقى فيني . و أظن أنني سألجأ للشتائم لتصدقين كلامي و ضياعي بين تفاصيلك الذي لا تُبقي معنى للغزل إلا و كتبته بكِ . أنا مثل آدم سقطت من جنتك و أعيش الندم حتى عامي المليون بلا رحمة لذاتي و لا غفران يحتويني بينما أنتِ أمامي يتجدد شعوري و أركض في سراب لن تكونين في نهايته و لا تريدين أن ينتهي . فوالله الغرق بكِ نعيم يضاهي كل حديث العالمين ، بكِ كل الأمنيات بلا إكتفاء منكِ و أنتِ كل الإكتفاء لي عن كل ما يحدث في الحياة . إما أنتِ أو العدم . أنتِ النجاة لكلامي بعدما كان يغرق في الموت و الصمت و ضياع لا ينتهي ، بل يبدأ بكل أفكار الخيال ، أنتِ حقيقة كلامي حين ينام الخيال . أنا المؤمن الذي يحتار يبدأ خشوعه في ماذا ، روحك المدهشة بصلاة أو تأمل لذة جمالك المُقدس بطمأنينة ، دائماً في متاهة بكل ما أحبه . و من خلالك أرى الجزء الجديد مني و الأفضل من كوني القديم ، عبر عينيك أجد روحاً ترتوي نعيماً لم يخطر ببالي يوماً ، منكِ يحدث للحياة لوناً يشتت ظلامها الدائم . كنت أرى الوهم حقيقة بسببك ، كنت أبني العدم في الفراغ و كنتِ تقولين لي أنني أتقدم . تجعلين قلبي ينبض كما لو كان متوقف منذ مدة ، تجعلين جسدي يتحرك كما لو كنت مدفون ، تجعلين أنفاسي تتسارع كما لو كنت أسقط ، تجعلين مني شخصاً لا يعلم كيف يقوى هذا كله . لطالما كنت أتأمل تفاصيلها و كأني أغرق ، مدهشة بين أفكار تتجاوز من حولها و جميلة للحد أن أكون أنا أضعف من أن أجد كلام يصف وجهها الملائكي ، أحل الألغاز و أجد باب المتاهة أسهل . أنني أتحدث عنها معي و كأني عدة علماء يكونوا في جدال لا يقبل الطرف الآخر رأي الأول ، نتجادل عن كيف أنتِ هكذا و كيف لكِ ألا تكوني فضاء نتفق كلنا بالبحث عنكِ و فيك . لا حاجة للنوم ، التفكير بكِ مريح أكثر ، لا حاجة للعُزلة فأنا بكِ غائب و كأني لم أكن . أحب التأمل بكِ و أحتاج المزيد منكِ ، أنا الصحراء الجافة و أنتِ الغيمة الذي تطوف حولي و لا تمطر ، كأنكِ السراب و أنا من يركض خلفك بلا تعب . أهتم لما تريد و كأنه مصير قومٌ و أنا الهداية . لم يعتاد الإستسلام علي ، لذا يرحل عندما يراني في الطريق إليك ، تكونين المقاومة و الخطوة الثابتة .

أرسمي على جسدي ما لا يستحقه الورق . اتركي دمي بين أصابعك كما لو كان لونك المفضل . ابتسمي و أنتِ ترسمين نحتٍ و أنتِ تعلمين ببقائه للأبد . فليكن سكيناً فالإبر تضحكني . كوني مزعجة فهذا الدم مات من السكينة . أستمري فهذا الجسد هدية من السماء لأفكارك . و أرسمي وجهك الملعون تحت عيني . لا تكونين لطيفة و مترددة . لا تتركين مكان فربما لا يأتي غداً . اجعلي النهاية مدهشة ، لا تكوني كالحياة . و بعدها دعي المطر يطهرنا فالخطايا للتو بدأت و لن تنتهي . أقتليني و أجعليني تمثال بجانب خزانتك . أنت الفردوس و أنا سواد الجحيم . لازلت أرغب برسوماتك على جسدي ، لازلت أبحث عن طريقة كيف أكون لوحة بين يديك . أرسمي فأنا لا أرغب ببقاء هذا الصفاء ، أرسمي حتى يزول الجفاف .

تعليقات

المشاركات الشائعة