من هنا بدأت المتاهة .


أهذا ما كنتِ تُحاربيني من أجله و هذا ما جمعتُ بهِ من الأيام ، هذا ما كان الصبر يخبأه لي ، من هذا فقدتُ ملامحي و لون عيناي ، هذا ما قد قتل الضحكات بسبب مُرافقته ، هذا الذي كان يجمع شتاتي في ظلام و يحتضن جسدي بكل شدة ، هذا ما كان يخنقني و لا أنفاس تساعدني ، هذا ما رأيته في سريري و حائط غرفتي ، هذا من كان يصرخ فوق رأسي بالإنتحار ، هذا من كان يجعلني أتوتر و أتصببُ عرقاً بملاحقة الكلام ، هذا من كان يخبرني بأن لا نجاة منه و لا إستسلام ، هذا من كان يدفن راحتي و يزرعُ لي ضيقةً بالفراغ ، هذا من كان يسرق نومي و يجعلني أتحدث مع نفسي بلا إستيعاب ، هذا الذي شتت حديثي بين الناس و جمعت التأتأه و الهروب ، هذا الذي كان يرتبني أمامك و يفقدني الكلام ، هذا ما فاتني من نفسي و أجزاء من عقلي ، هذا من كان يفسد أشجار خيالي و الكآبة بدل الثمار ، هذا من كان يصب نهر سواده في أطرافي ، نعم و الرب إن هذا الحزن يقتلني و كأني الفرح في قلب ميت ، إني أتبع هذا الظلام و كأنه روح النور و نهاية الطريق ، إن الإكتئاب يخنقني و هو يضحك و عيناي تبكي و صوتي يسمعه من في المبنى ، ها أنا أتنفس اللحظات الأخيرة و هذا يجلس على صدري و يرقص مع أطفاله بلا رحمة ، نعم إني أتنفس ببطء شديد و أطرافي تتجمد و ذكرياتي تمر أمام عيناي و لا أهرب و لا أموت ، نعم إني أموت بلا فرصة للحياة من جديد ، هذا أنا الذي كان يضحك أمامك و يتحدث عن الفوز للمرة الثالثة عشر مع مدريد ، هذا الذي كان يشاركك الأغاني و بعض أحاديث الفرح و ها هو يموت بلا رفاق و لا قريب ، نعم إن هذا الرجل الشاحب الذي يختبئ في قلب الموت بات باهتاً حتى أصبح يرى الحياة سواد يهرب منها إلى تحت السرير ، نعم إني الذي كان يتغزل بما هو جميل و يبعث في الحروف أفكاره الحيه و اللطيفة ، نعم إني الطيب المسالم الذي ظن بهذا أن لا حزن يقترب منه و لا كآبه تسكنه ، هذا الثقل على صدره بات تراباً و قبر لروحه و بكاء أجداده عليه ، نعم إني الذي يتبع المجهول هرباً من أشباح تطارده في مكانه ، نعم أنا الكائن الذي يخرج راكضاً من الملعون و لا يراه غيري و الناس تظن الجنون سكن عقلي ، هذا ما كنت أظن أنه بداية النهاية و كابوس و أنتهى ، نعم إني من كان يتجاوز الأشياء بالصبر و ظناً أني أقوى من صراخ يدفنه صدري ، هذا ما رأيته في إنتحار صديقي و بكاء الغريب و صراخ الجار ، نعم إني في التبلد أخوض معارك لم أجد لها حل و لا موت ، هذا من بدأ المتاهة في عقلي و جعلني أرى الحياة معقدة و بلا حلول ، نعم إني أقاوم موتي عدة مرات و بكائي في الخزانة لم يجف حتى الآن ، فأني عائد .

تعليقات

المشاركات الشائعة